من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107399 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات صفة السمع لله تعالى

ذكر السمع بقوله:
وسـامع للجـهـر والإخفـــات
بسمعــه الـواسـع للأصــوات
يعني: أنه يسمع الجهر والإخفات، الإخفات: هو الكلام الخفي، يقول الله تعالى: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى يعلم السر وأخفى من السر، يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى يعلم الجهر من القول يعني يسمعه، وما يخفى من الكلام الخفي أيضا يسمعه، فقد وسع سمعه الأصوات جهرها، وخفيها، فهو يسمع كل حركة ولو كانت خفيفة، فلا يخفى عليه أية كلمة، وأية حركة إلا يعلمها، وإلا يسمعها، روي عن عائشة قالت: سبحان من وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة وإني في طرف الحجرة يخفى علي بعض كلامها؛ تجادل في زوجها، أنزل الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا فأخبر تعالى بأنه سمع صوتها وشكايتها، عائشة إلى جنبها أو قريب منها يخفى عليها كلامها أو بعضه.
فالله -سبحانه وتعالى- يسمع الجهر، والإخفات، ولا يخفى عليه شيء، وسمعه وسع الأصوات كلها، من آثار سمعه -تعالى- أنه يسمع كل الأصوات، ولا تشتبه عليه اللغات، ولا تغلطه كثرة المسائل، مع اختلاف اللغات، وتفنن المسئولات، فيعطي كلا سؤله، ولا يشغله سمع عن سمع.
أنكر المعتزلة صفة السمع، والبصر وقالوا: إن الإنسان يسمع ويبصر فإذا وصفنا الله -تعالى- بأنه يسمع، ويبصر؛ كان ذلك تشبيها بالمخلوقات، وينافي قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فالجواب أن نقول: إننا نثبت السمع والبصر، وننزه الله -تعالى- عن مشابهة المخلوق في شيء من ذلك، فبين سمعه وبصره فرق كبير .. بينه وبين سمع المخلوق، فالمخلوق لا يبصر ما وراء الجدار أو الساتر، الله -تعالى- لا يستر بصره حجاب، بصره يرى كل شيء ولو كان دونه المخلوقات، ونحوها، فلا يستر بصره شيء، بخلاف المخلوق فإنه لا يبصر إلا ما كان مقابلا له، كذلك أيضا المخلوق سمعه محدود، إنما يسمع القريب ولا يسمع البعيد، المخلوق أيضا لا يسمع صوتين في وقت واحد ويميز بينهما؛ بل الأصل أنه إنما يسمع صوتا واحدا، ويخفى عليه الصوت الثاني فلا بد أن يستفسر.
الرب -سبحانه وتعالى- لا تشتبه عليه الأصوات، يسمع الصوت ولو كانوا ألوف الألوف في وقت واحد؛ ولأجل ذلك يؤمر الإنسان المسلم بأن يُسر دعاءه ويعتقد أن الله يسمعه، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً يعني خفاء وقال عن زكريا .
بالسمع بسمع الله تعالى لكل شيء، المراقبة أيضا وهو أن من آمن بأن الله يسمعه ولو كان كلامه خفيا تثبت ولم يتكلم إلا بما فيه فائدة، ولم يتكلم بسوء؛ وبذلك يكون كلامه في طاعة الله تعالى، يعلم أن الله يسمعه، وأنه يحاسبه على هذا الكلام السيئ؛ فهذه هي الفائدة.
فالذين لا يستحضرون أن الله تعالى يسمع كلامهم قد يتكلمون بقدح وبعيب وببهتان وبكذب، ويتكلمون بزور وبفجور، ويتكلمون بسخرية واستهزاء، ولا يستحضرون أن الله تعالى يسمعهم، ولو استحضروا سمع الله تعالى لهم؛ لتحاشوا مثل هذا الكلام.

line-bottom